السبت، 19 ديسمبر 2009

التجريد في سطور....

كلمة " تجريد " تعنى التخلص من كل آثار الواقع و الارتباط به .
فالجسم الكروى يمثل تجريدا لعديد من الأشكال :
كالتفاحة ... البرتقالة ...الشمس ... القمر ... الكرة ... و ما الى ذلك .
و استخدام الشكل الكروى فى الرسم يحمل ضمنا اشارة نحو كل هذه الأجسام ... ملخصة فى
القانون الشكلى الذى يمثل كيانها .
و الاحساس بالعامل المشترك بين كل هذه الأجسام هو بمثابة تعميم تشكيلى للقاعدة الهندسية
التى تستند اليها .
و كذلك حين نتأمل الوجود على الأرض :
فالنخلة لها اتجاه متعامد على الأرض ... و سائر الشجر ... والانسان حين يسير ... و المبانى .
أما الأرض بامتدادها فى الحقول ... والشوارع ... و أسطح الأنهار و البحار ... فهذا الامتداد
يمثل شيئا أفقيا .

لهذا فكل خط رأسى يضعه الفنان فى لوحته انما يرمز الى قاعدة من قواعد الوجود و هى :
التعامد .
و كل خط أفقى يرمز الى بطن الأرض التى تحتضن كل شىء و يرتكز عليها .

و على ذلك فان ايجاد نوع من العلاقة القائمة بين التعامد و الأفقية هو بمثابة العلاقة التجريدية
بين نوعين من حقائق الوجود .

و يستقيم على هذا المنطق أيضا :
العلاقة القائمة بين الشكل و الأرضية
أو الأمامية و الخلفية
بين كل ظواهر البروز و الاختفاء
و الضوء و الظل
و الواضح و الغامض

و قد خاض الفنان التشكيلى التجربة فى صورة مذاهب و اتجاهات متعددة ...
يخفى أحيانا من خلالها مصادر الالهام التى أوصلته الى التجريد ... و لا يرى الا أشكالا
و ألوانا بلا مدلولات بصرية
و أحيانا أخرى يحتفظ ببعض العلامات اليسيرة التى تربط الرائى بالمصادر البصرية للتجريد
و أحيانا ثالثة يظل محتفظا بالأصل الطبيعى بعد أن يكون قد قام بعملية تشطيب فيه ... حذف
من خلالها كل التفاصيل التى ليس لها علاقة بالجوهر .. و أكد الجوهر ذاته فى خطوط .....
و مساحات أو كتل تحمل البساطة و البلاغة ... الكل فى الجزء و الجزء فى الكل .


( من كتاب الفن فى القرن العشرين للدكتور محمود البسيونى )
مع بعض الايجاز والتصرف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق