kkkkkk.jpg)
أثار فيلم {بالألوان الطبيعية} (بدأ عرضه في 23 ديسمبرالماضي) من تأليف هاني فوزي وإخراج أسامة فوزي حفيظة التشكيليين وأساتذة الفنون الجميلة في الجامعات المصرية. إذ أكد هؤلاء أن الاستعانة بالعارض العاري لم تعد موجودة في الكليات، وشنوا هجوماً شديداً على الفيلم باعتباره يسيء إلى طلاب الفنون الجميلة وأساتذتها، وأنه فجر إحدى القضايا المسكوت عنها وهي علاقة الفن بالدين ورسم الجسم العاري.
يلاحظ الفنان عادل السيوي أن رسم الجسم العاري موضوع معقد ومركّب، لأنه يواجه إشكاليات الدين والمجتمع من جهة والعامل الاقتصادي من جهة أخرى. يقول: {يحرّم الدين والمجتمع رسم الجسم العاري ويواجه الفنانون التشكيليون مشكلة في إيجاد العارض الذي يمكن رسمه عارياً}.
يؤيد السيوي رسم الجسم العاري لاستكمال دراسة الطلاب الفنية الأكاديمية، {وهو أمر ضروري لمعرفة تفاصيل الجسم التشريحية}.
يضيف السيوي: {طالما أن الجهات التعليمية أقرت بوجود أكاديمية متخصصة في الفن الكلاسيكي فلا بد من توافر العارض لرسمه، وإلا فلتهتم الدولة بتدريس الفنون الحديثة فحسب مثل ال{فيديو آرت} وغيرها}.
يشير السيوي إلى أن مسألة معالجة الفيلم أزمة تحريم رسم الجسم العاري حالة عامة تسيطر على المجتمع، {فتارة يُحرَّم رسم الجسم العاري، وطوراً يُحرَّم الفن والتمثيل ثم ننتهي إلى سلسلة من التحريمات على جماليات الحياة والإبداع}.
بناء الخبرة
يوضح الناقد التشكيلي د. عز الدين نجيب (رئيس جمعية أصالة للفنون) أن دراسة الجسم العاري عنصر رئيس في بناء خبرة الفنان التشكيلي سواء كان رساماً أو نحاتاً أو مصوراً، شأنها شأن دراسة الطبيب الجسم البشري، فمن خلالها يدرس الرسام علم التشريح وعلم المنظور والتجسيم وأبعاد الظل والضوء والعلاقة بين العنصر الأمامي والخلفي في العمل الفني وتشكيل الألوان على البشرة ووهج الحياة المنبثق منها وليس مجرد التكوين الظاهري حسبما تراه العين.
يؤكد الفنان التشكيلي رضا عبد الرحمن (رئيس مجلس إدارة مجلة {بورتريه}) أن تحريم رسم الجسم العاري أدى إلى تخريج فنانين يجهلون مقاييس الجسم البشري، فنفذوا رسومات غير متزنة وغير صحيحة وبنسب مختلفة عن الواقع.
قضية مسكوت عنها
رسم الجسم العاري، برأي صلاح مرعي (مصمم ديكور فيلم {بالألوان الطبيعية})، إحدى القضايا المسكوت عنها ولا يجب أن يقف الفنانون التشكيليون والمجتمع مكبلين تجاه خروج الفن من قيود المحرمات.
يلاحظ مرعي أن الاختلاف بين علماء الدين حول السماح برسم الجسم أو عدمه يبيح للفنان استكشاف الجسم لمعرفة الصفات التشريحية الضرورية للدراسة الفنية، ويتساءل: {لماذا يتغاضى الذين يحرّمون الرسوم العارية ويصبّون جام غضبهم على رساميها عن فضائيات تعرض أفلاماً جنسية وكليبات عارية مع أنها أكثر إثارة للغرائز؟!
يضيف مرعي: {يتعامل طالب الفن مع العارض عِلمياً كأحد معطيات الطبيعة كالشجرة والأزهار، أي بمنظور جمالي بحت}. لا يظن مرعي أن أحداً قد يعطي إجابة قاطعة عن تحليل وجود العارض العاري في كليات الفنون الجميلة، {فهو كان حاضراً فيها قبيل السبعينات من القرن الماضي، لكن الظروف التي فرضت بعد ذلك حتمت إلغاءه، بل وصل الأمر إلى حد التحريم، بحجة أنه يؤذي المجتمع، بنظر رجال الدين}.
احترام الطلاب
يؤكد د. محمد مكاوي (عميد كلية الفنون الجميلة في جامعة حلوان) أنه رفض تصوير الفيلم داخل الكلية من قبيل احترام الطلاب والأساتذة. يقول: {عندما قرأت السيناريو أدركت أنه يتناول أموراً غير حقيقية عن الطلاب ويتهكم على الأساتذة، فرفضت التصوير داخل الكلية أو التعاون مع فريق الفيلم}.
يشير مكاوي إلى أن رسم الجسم العاري ليس المقصود منه التعري الكامل، ولم تمنع مهنة الموديل العاري لكنها اندثرت بفعل الظروف الاقتصادية، إذ لم يعد الأجر الذي يتقاضاه الموديل يسمح باستمراره. يضيف: {دراسة الجسم العاري مهمة للطلاب لمعرفة النسب والتشريح وليستطيعوا إنجاز أعمالهم}.
النسب عبر الكتب
يرى الفنان التشكيلي آدم حنين أن إلغاء العارض العاري منذ عام 1974 لم يؤثر سلباً على الفنانين بدليل وجود تشكيليين متميزين في التصوير والرسم والتشخيص لم يدرسوا هذا الأمر على جسم العارض.
بدورها، توضح هديل بحراوي (طالبة في أكاديمية الفنون): {نتعلم رسم جمال الجسم عبر دراسة النسب التشريحيه السليمة في الكتب ونتعرف فيها إلى شكل نسب الجسم السليمة outline، وعندما نرسم بعضنا بعضاً يكون رسماً سريعاً بقلم الرصاص}.
من جهتها، تؤكد منى عباس (طالبة في كلية الفنون الجميلة) أن {الأساتذة في الكلية لا يستعينون بالعارض العاري لرسمه بل بعمال النظافة فنرسمهم بالجلاليب لرصد الحركات، عكس ما يصوّر الفيلم أننا نخلع ملابسنا أمام بعضنا البعض}.
أما ابراهيم عبد الرحمن، صاحب قاعة عرض {بيكاسو}، فيشير إلى أن اللوحات التي تضمّ رسوماً لجسم امرأة عارية كانت رائجة في فترة الستينات، لكن حدث إحجام مفاجئ عن شرائها بعد موجة التيار الديني في نهاية السبعينات والثمانينات، لاعتقاد الناس أن اقتناءها أحد الأمور المحرمة أو المكروهة شرعاً، ويرى أن الرسوم التجريدية أو الطبيعية أكثر رواجاً من رسوم الأجسام العارية.